الأقرب لقلوب أصحاب الشأن من سكان تلك القارة السمراء ، حيث تذكرهم بالانتماء إلى القارة السمراء ، فينسبون أنفسهم إلى الأب الأول لسكان شمال أفريقيا "أمازيغ" أو الرجل الحر،و الثانية هي أكثر الكلمات إثارة للحنق في نفوسهم،و تعود إلى كلمة (barber) التي أطلقها عليهم الرومان ، و هي لفظة مأخوذة من اليونانيين القدماء و التي كانوا يطلقونها على من لا يتكلم الإغريقية (بارباروس) ، أطلقها الرومان على كل الأجانب الخارجين عن طاعة الإمبراطورية الرومانية و نفوذها العسكري ،يبلغ عدد الامازيغ حوالي خمسة و عشرين مليون نسمة تتوزع على دول الشمال الأفريقي، و يشكلون 45% من سكان المغرب ،23%من سكان الجزائر، 10% من الليبيين ، 5% من سكان تونس، و يوجد في مصر حوالي 10000 أمازيغيا في واحة سيوة، و حول أصل الأمازيغي اختلف الكثيرون فمنهم من يرى أن الأمازيغي إفريقيا ً من أساسه، و منهم من يري تقارب في الملامح الأمازيغية و المنحدرين من اصل "وندالى" من حيث التشابه في اللفظ و الشكل ، و هناك من يربط بين هذين الاحتمالين لفعل التنقل المستمر للأمازيغ و الاستعمار الألماني لهم ، كان الفتح الإسلامي لتلك المنطقة في العام 647ميلادي على يد (طارق بن زياد )،اعتنق الأمازيغ الإسلام و تقبلوه و اندمجوا في تعاليمه إلا أن اللغة العربية ظلك غير مقبولة بالنسبة لهم.
اللغة الأمازيغية و مشكلات التدوين ...
تعد اللغة الأمازيغية من لغات العائلة السامية كالمصرية القديمة و العربية ، و تنحدر من اللغة الليبية القديمة التي كانت تستخدم على نطاق واسع قديما في شمال أفريقيا ، تتكون الأبجدية الأمازيغية من واحد و ثلاثين حرفا ً و يدعي الحرف الأمازيغي (حرف تيفيناغ) ، إلا أن اللغة الأمازيغية لم تعرف التدوين ، كما تنوعت لهجاتها نظرا لاتساع انتشارها الجغرافي و تداخلها مع لغات أخرى سائدة كالعربية و الفرنسية ، مما أثر أيضا على عملية التدوين حيث يسعى البعض إلى تدوينها بحروف تيفيناغ ، و البعض الأخر يدونها بالحرف العربي ويعزي ذلك لتنامي عدد المستخدمين للحرف العربي و أن الحرف العربي هو الذي استخدمه الامازيغ الأوائل في التدوين و هو الذي ساعد على تقارب الأمازيغ و العرب و المسلمين ، بينما تفضل مجموعة أخرى استعمال الحرف اللاتيني في تدوين الامازيغية معللين ذلك بأن الحرف اللاتيني قابل للدمج لمجاراة الاختلاف في النطق من لهجة لأخرى لخلق حرف جديد يؤدي صوتا ً جديدا...
الأدب الأمازيغي في المغرب خلال القرن العشرين...
لما كانت المغرب هي أكبر الدول من حيث وجود الأمازيغ ، لذلك اخترتها كنقطة ارتكاز في استعراض تطور الأدب الأمازيغي ،كان الأدب الأمازيغي في بداياته لا يختلف كثيرا ً عن باقي الآداب الشفهية ذات التكوين القومي التي عرفتها المجموعات البشرية اللغوية و العرقية ، اعتمد على الأمثال الشعبية و الغناء الفلكلوري المنظوم و القصص الشعبي لأبطال الامازيغ الأوائل و لم يعرف طريقه للتدوين مما ساعد على ضياع و فقدان الكثير و الكثير من الآثار الثقافية الأدبية للأمازيغ الأوائل ، إلا أنه و مع بداية السبعينات من القرن العشرين بدأت حركة التدوين و بدأ الأدب الأمازيغي في المغرب يأخذ شكل الأدب المكتوب السهل التداول عبر البلاد ، لمعت في تلك الأثناء العديد و العديد من الأسماء في سماء الشعر و المسرح و لعل أبرزها " محمد مستاوي" الشاعر و الباحث المغربي في الثقافة الأمازيغية و الذي عبر عن قضايا شعبه و أزمة الأمازيغ فوق الخارطة اللغوية العربية و الأرض الأفريقية الطيبة ، مزج ما بين سهولة الشفهية و إيقاع التدوين و رزانة القديم و سرعة الحديث ، صدر له العديد من الدواوين كان أولها ديوان (القيود) في العام 1976 و الذي يعد من أوائل الدواوين المدونة في الشعر الأمازيغي و ديوان (الضحك و البكاء) في العام 1979 و ( المرقص) في عام 1988 ثم ديوان ( أمواج) في عام 1998، و من ذات الأرض يصدح صوت "حسن إذ بلقاسم"و " إبراهيم أخياط" و "محمد شفيق" ، كما انتشر الغناء الشعري على يد فرقتي "أوسمان"و"إزنزارن" ، و في بداية الثمانينيات عانى الأدب الأمازيغي من جمود شديد حتى بدأ المسرح الأمازيغي في البزوغ بقوة و لعل تجربة "الصافي مؤمن علي" تعد علامة بارزة في الأدب الأمازيغي ، كما بعث الشعر الأمازيغي من جديد على يد "المحجوبي أحرضان"و" أحمد الزياني"و" على صدقي آزايكو" ذلك الأخير الذي استطاع المزج بين القديم و الحديث بلغة وجدانية عميقة عالمية تجاوزت حدود الخارطة الأفريقية ، بدأت الرواية في الظهور على سطح الأدب الامازيغي في التسعينيات من القرن العشرين و لمع في سمائها مجموعة كبيرة من الأدباء أمثال " محمد أبحري" بروايته (أن نكون أو لا نكون) و رواية ( ظلال الذاكرة) "لأبو القاسم أفولاي" ، و محمد أكوناص الشاعر و الروائي بروايته (حلم و زيادة) ، كتبت "فاضمة الورباشي" الشعر الأمازيغي متحررة من القالب و اللازمة الشعرية الأمازيغية ، برز اسم "عمر بومزوغ" في أواخر التسعينيات و هو الشاعر و الروائي و الكاتب المسرحي و لعل رواية (سفينة نوح ) و مسرحيتي (حفار القبور) ، (الإسكافي) من أشهر ما كتبه و كذلك النص المسرحي الشفهي (ربيعة و بوزيان) و مسرحية (تاسليت و روميو) ، و لا يمكن أن نمر بالمشهد الشعري الأمازيغي الحديث و لا نطرق أبواب الشاعر "التجاني بولعوالي" صاحب ديوان (شمس الحرية) ..
الشعر الأمازيغي أفريقي المنبت عربي الهم ...
لعل الثقافة العربية و الإسلامية هي أكثر الثقافات التي انخرطت فيها الثقافة الأمازيغية و لعل الروح النضالية التي اكتسبها الشعر الأمازيغي جاءت من قلب الهم العربي و النكبات العربية المتتالية فبدأ الشعراء و الشعراء المغنون الأمازيغ في الخروج من شرنقة الهم الأمازيغ إلى رحب الألم العربي ، ظل الشعر الأمازيغي في المغرب يبكي نكبات متتالية تعرض لها الأمازيغ من ويلات الاستعمار و لعل معركة بوكافر أكثر ما جاء ذكره في الشعر الأمازيغي ، تلك المعركة التي حملت أنبل قصص النضال ضد الاستعمار الفرنسي الذي كان يحلم بالسيطرة الكاملة على الأراضي المغربية ، إلا أن القبائل العطاوية في جنوب المغرب ظلت تناضل قرابة العامين ، و بلغت ذروة القتال ما بين يومي 12 ، 13 مارس من العام 1933 ، خلفت العديد من القتلى و المصابين و الدمار الشاسع و انتهى الأمر بإبرام معاهدة بين الفرنسيين و القبائل العطاوية في 26 مارس 1933 ، إلا أن تلك الأحداث ظلت راسخة في ذاكرة الشعراء الأمازيغيين في المغرب و عبر عنها الكثيرون في قصائدهم ، أمثال الشاعر أحمد أباسو بحروف لاتينية ترجمها إلى العربية "محمد الوعمي" يقول أباسو في قصيدته :
رأيت أهل بوگافر يتحدون الموت
أبناء بوگافر يستحقون كل طيب
يستحقون ما لذ وطاب من الأطعمة
يستحقون خيولا مسرجة،
يستحقون الذهب متى وجد.
هنا لجأ "أباسو" إلى الوصف الصريح في أسلوب سردي بسيط شرح الأحداث ، و روي التفاصيل على نحو الرائي رؤى العين.
و كذلك الشاعرة "هرة واسو" و التي ترجم لها أيضا " محمد الوعمي " هذا المقطع من قصيدتها حول معركة بوكافر :
من يتذكر ملحمة بوگافر فليأت لنبكي
وقعة بوگافر الكبرى أكثرت من اليتامى
قالت لك مقاوِمة بوگافر مرّغ وجهك في الوحل
مرّغ فيه طغيناك وجيوش بولا
خرج الشعراء الأمازيغ من تلك الهموم الأمازيغية الخاصة ، إلى منطقة أكثر ازدحاما ً بالحزن و الموت و الدم ، إلى الألم العربي في فلسطين و العراق ، فنرى الشاعر المنشد (الشيخ البوغلي) ومجموعته انشادن يبكي ألأم فلسطين و مقتل الطفل محمد الدرة في ابيات ترجمها الباحث المغربي د.محمد أعماري :
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
أقسم إن موته أشعل في قلبي نارا لن تخمد أبدا
وحرقة، مصيبته لن ينساها من كان مسلما حقا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
هذه الجريمة تبكي حتى الجبال لتذوب دموعا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
كان يسير إلى جنب أبيه ولم يتوقع شيئا
كانا يسيران معا، فإذا بالرصاص ينهمر عليهما
ولما هاجمهما اليهود صار يصرخ ويبكي
لم ينفع المسكين احتماؤه بأبيه ونال منه الرصاص
اغتصبوا منه فلذة كبده بلا رحمة ولا شفقة
صبرا أم جمال فقد غادر نحو القبور
و كذلك الشاعر المنشد (الشيخ الزهراوي) ترجم أبياته د.محمد أعمارى الباحث في الثقافة الأمازيغية :
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
انظروا إلى غمة ومحنة إخوانكم
غزاهم الأنذال وشردوهم
منهم من آوى إلى الجبال واختبأ في الكهوف
ومنهم من أحرقوا عليه منزله
ومنهم من مات وخلف الأيتام
صيروهم أشلاء ودفنوهم بملابسهم
لم يعد الأطفال يرون آباءهم على قيد الحياة
كم زوجة خطفوها تاركة أبناءها
وزوجها لا يملك إلا النظرات والحسرات
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
من لا تهزه الغيرة عندما يقتل إخوانه
فذاك قلبه أصم من الحديد
يعد الشاعر المغربي (حسن أمنتاك) من أشهر شعراء الأمازيغ اهتماما ً بالهم العربي في قصائدهم حيث كتب في مقتل الشيخ أحمد ياسين و الترجمة كذلك قام بها د.محمد أعماري:
إن كان قتل أحمد واحدا فقد وُلِد عشرة
ففي صباح موته ازداد عشرة مواليد
وكل واحد منهم سمي ''أحمد ياسين''
أتدري من يشجع ''شارون'' وحاشيته
إنهم هؤلاء الأذلاء من بعض العرب
الذين يهاتفونهم ويتبادلون معهم أطراف الحديث
وأولئك الذين يبيعون لهم إخوانهم بالمال
و نراه كذلك يبكي سقوط بغداد في قصيدته (وصلتك الظلمات يا شرق):
ما أخفاه الله في أعماق الأرض (يقصد النفط)
هو الذي من أجله تقصف بغداد بالرصاص والنار
اشتعل لهيب النيران في العراق
حتى أحرق الطيور في السماء يا لطيف
و في مقطع أخر يقول :
الوسواس إنجليز والخناس أمريكان
ما يملكه العراق من ثروات
كيف يحولونها إلى أيدي الأمريكان
ففي العراق كنز غير أنه منيع
إنه كنز الذهب الأسود
أراده "بلير" و"بوش" وأراده "شارون
و في أزمة العراق أيضا ً كتب الشاعر المغربي (مولاي يدَّار المزوضي) في قصيدته (رب ضع حدا لهمومنا)،
شارون" أحكم قبضته على الشرق و"بوش" على الخليج
و"طوني بلير" شريكهم عدو الله
كل الثلاثة يستعدون للعرب
وكل منهم يحقق للآخر مصالحه
انكشفت نواياهم وأهداف عدوانهم
إنه البترول يسعون للانفراد به
و يقول في مقطع أخر من القصيدة ذاتها:
أمريكا كانت تبحث عن الحرب منذ زمان
ولا حق معها إلا أن بوش يريد السوء
كان صدام عدوا له وندا
لما رأى أن أباه لم يجن من الحرب عليه إلا النكد
"بوش الكبير" تلقى ضربة قاسية من صدام
فقام ابنه اليوم وأعد العدة للانتقام
أعد الجيوش والأسلحة المتطورة
وحاصر العراق وهو خائف
ويخشى أن تنكسر شوكته كما وقع لأبيه
طرقنا الأبواب الامازيغية بأحزاننا و همومنا العربية، فكان الترحاب بالقافية هو كرم الضيافة على الطريقة الأمازيغية ، و كل كان يغني على ليلاه و جرحه ، بينما الآن الكل يبكي بلغة الحزن العربية ، و بعد هذا الطرح السريع لا يمكننا اعتبار الأدب الامازيغي أدبا ً قوميا ً مستقلا ً
بل على العكس يمكننا القول بأن الأدب الأمازيغي جاء كنقطة نظام في قلب الأدب العربي ، فالأمازيغ خيط في نسيج الثوب العربي الذي لا يمكن انتزاعه إلا و تفكك النسيج العربي امازيغيا و فرعونيا و كرديا و تركمانيا ، و لن يبقى خيط واحد يحكي الحكاية العربية ...
اللغة الأمازيغية و مشكلات التدوين ...
تعد اللغة الأمازيغية من لغات العائلة السامية كالمصرية القديمة و العربية ، و تنحدر من اللغة الليبية القديمة التي كانت تستخدم على نطاق واسع قديما في شمال أفريقيا ، تتكون الأبجدية الأمازيغية من واحد و ثلاثين حرفا ً و يدعي الحرف الأمازيغي (حرف تيفيناغ) ، إلا أن اللغة الأمازيغية لم تعرف التدوين ، كما تنوعت لهجاتها نظرا لاتساع انتشارها الجغرافي و تداخلها مع لغات أخرى سائدة كالعربية و الفرنسية ، مما أثر أيضا على عملية التدوين حيث يسعى البعض إلى تدوينها بحروف تيفيناغ ، و البعض الأخر يدونها بالحرف العربي ويعزي ذلك لتنامي عدد المستخدمين للحرف العربي و أن الحرف العربي هو الذي استخدمه الامازيغ الأوائل في التدوين و هو الذي ساعد على تقارب الأمازيغ و العرب و المسلمين ، بينما تفضل مجموعة أخرى استعمال الحرف اللاتيني في تدوين الامازيغية معللين ذلك بأن الحرف اللاتيني قابل للدمج لمجاراة الاختلاف في النطق من لهجة لأخرى لخلق حرف جديد يؤدي صوتا ً جديدا...
الأدب الأمازيغي في المغرب خلال القرن العشرين...
لما كانت المغرب هي أكبر الدول من حيث وجود الأمازيغ ، لذلك اخترتها كنقطة ارتكاز في استعراض تطور الأدب الأمازيغي ،كان الأدب الأمازيغي في بداياته لا يختلف كثيرا ً عن باقي الآداب الشفهية ذات التكوين القومي التي عرفتها المجموعات البشرية اللغوية و العرقية ، اعتمد على الأمثال الشعبية و الغناء الفلكلوري المنظوم و القصص الشعبي لأبطال الامازيغ الأوائل و لم يعرف طريقه للتدوين مما ساعد على ضياع و فقدان الكثير و الكثير من الآثار الثقافية الأدبية للأمازيغ الأوائل ، إلا أنه و مع بداية السبعينات من القرن العشرين بدأت حركة التدوين و بدأ الأدب الأمازيغي في المغرب يأخذ شكل الأدب المكتوب السهل التداول عبر البلاد ، لمعت في تلك الأثناء العديد و العديد من الأسماء في سماء الشعر و المسرح و لعل أبرزها " محمد مستاوي" الشاعر و الباحث المغربي في الثقافة الأمازيغية و الذي عبر عن قضايا شعبه و أزمة الأمازيغ فوق الخارطة اللغوية العربية و الأرض الأفريقية الطيبة ، مزج ما بين سهولة الشفهية و إيقاع التدوين و رزانة القديم و سرعة الحديث ، صدر له العديد من الدواوين كان أولها ديوان (القيود) في العام 1976 و الذي يعد من أوائل الدواوين المدونة في الشعر الأمازيغي و ديوان (الضحك و البكاء) في العام 1979 و ( المرقص) في عام 1988 ثم ديوان ( أمواج) في عام 1998، و من ذات الأرض يصدح صوت "حسن إذ بلقاسم"و " إبراهيم أخياط" و "محمد شفيق" ، كما انتشر الغناء الشعري على يد فرقتي "أوسمان"و"إزنزارن" ، و في بداية الثمانينيات عانى الأدب الأمازيغي من جمود شديد حتى بدأ المسرح الأمازيغي في البزوغ بقوة و لعل تجربة "الصافي مؤمن علي" تعد علامة بارزة في الأدب الأمازيغي ، كما بعث الشعر الأمازيغي من جديد على يد "المحجوبي أحرضان"و" أحمد الزياني"و" على صدقي آزايكو" ذلك الأخير الذي استطاع المزج بين القديم و الحديث بلغة وجدانية عميقة عالمية تجاوزت حدود الخارطة الأفريقية ، بدأت الرواية في الظهور على سطح الأدب الامازيغي في التسعينيات من القرن العشرين و لمع في سمائها مجموعة كبيرة من الأدباء أمثال " محمد أبحري" بروايته (أن نكون أو لا نكون) و رواية ( ظلال الذاكرة) "لأبو القاسم أفولاي" ، و محمد أكوناص الشاعر و الروائي بروايته (حلم و زيادة) ، كتبت "فاضمة الورباشي" الشعر الأمازيغي متحررة من القالب و اللازمة الشعرية الأمازيغية ، برز اسم "عمر بومزوغ" في أواخر التسعينيات و هو الشاعر و الروائي و الكاتب المسرحي و لعل رواية (سفينة نوح ) و مسرحيتي (حفار القبور) ، (الإسكافي) من أشهر ما كتبه و كذلك النص المسرحي الشفهي (ربيعة و بوزيان) و مسرحية (تاسليت و روميو) ، و لا يمكن أن نمر بالمشهد الشعري الأمازيغي الحديث و لا نطرق أبواب الشاعر "التجاني بولعوالي" صاحب ديوان (شمس الحرية) ..
الشعر الأمازيغي أفريقي المنبت عربي الهم ...
لعل الثقافة العربية و الإسلامية هي أكثر الثقافات التي انخرطت فيها الثقافة الأمازيغية و لعل الروح النضالية التي اكتسبها الشعر الأمازيغي جاءت من قلب الهم العربي و النكبات العربية المتتالية فبدأ الشعراء و الشعراء المغنون الأمازيغ في الخروج من شرنقة الهم الأمازيغ إلى رحب الألم العربي ، ظل الشعر الأمازيغي في المغرب يبكي نكبات متتالية تعرض لها الأمازيغ من ويلات الاستعمار و لعل معركة بوكافر أكثر ما جاء ذكره في الشعر الأمازيغي ، تلك المعركة التي حملت أنبل قصص النضال ضد الاستعمار الفرنسي الذي كان يحلم بالسيطرة الكاملة على الأراضي المغربية ، إلا أن القبائل العطاوية في جنوب المغرب ظلت تناضل قرابة العامين ، و بلغت ذروة القتال ما بين يومي 12 ، 13 مارس من العام 1933 ، خلفت العديد من القتلى و المصابين و الدمار الشاسع و انتهى الأمر بإبرام معاهدة بين الفرنسيين و القبائل العطاوية في 26 مارس 1933 ، إلا أن تلك الأحداث ظلت راسخة في ذاكرة الشعراء الأمازيغيين في المغرب و عبر عنها الكثيرون في قصائدهم ، أمثال الشاعر أحمد أباسو بحروف لاتينية ترجمها إلى العربية "محمد الوعمي" يقول أباسو في قصيدته :
رأيت أهل بوگافر يتحدون الموت
أبناء بوگافر يستحقون كل طيب
يستحقون ما لذ وطاب من الأطعمة
يستحقون خيولا مسرجة،
يستحقون الذهب متى وجد.
هنا لجأ "أباسو" إلى الوصف الصريح في أسلوب سردي بسيط شرح الأحداث ، و روي التفاصيل على نحو الرائي رؤى العين.
و كذلك الشاعرة "هرة واسو" و التي ترجم لها أيضا " محمد الوعمي " هذا المقطع من قصيدتها حول معركة بوكافر :
من يتذكر ملحمة بوگافر فليأت لنبكي
وقعة بوگافر الكبرى أكثرت من اليتامى
قالت لك مقاوِمة بوگافر مرّغ وجهك في الوحل
مرّغ فيه طغيناك وجيوش بولا
خرج الشعراء الأمازيغ من تلك الهموم الأمازيغية الخاصة ، إلى منطقة أكثر ازدحاما ً بالحزن و الموت و الدم ، إلى الألم العربي في فلسطين و العراق ، فنرى الشاعر المنشد (الشيخ البوغلي) ومجموعته انشادن يبكي ألأم فلسطين و مقتل الطفل محمد الدرة في ابيات ترجمها الباحث المغربي د.محمد أعماري :
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
أقسم إن موته أشعل في قلبي نارا لن تخمد أبدا
وحرقة، مصيبته لن ينساها من كان مسلما حقا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
هذه الجريمة تبكي حتى الجبال لتذوب دموعا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
كان يسير إلى جنب أبيه ولم يتوقع شيئا
كانا يسيران معا، فإذا بالرصاص ينهمر عليهما
ولما هاجمهما اليهود صار يصرخ ويبكي
لم ينفع المسكين احتماؤه بأبيه ونال منه الرصاص
اغتصبوا منه فلذة كبده بلا رحمة ولا شفقة
صبرا أم جمال فقد غادر نحو القبور
و كذلك الشاعر المنشد (الشيخ الزهراوي) ترجم أبياته د.محمد أعمارى الباحث في الثقافة الأمازيغية :
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
انظروا إلى غمة ومحنة إخوانكم
غزاهم الأنذال وشردوهم
منهم من آوى إلى الجبال واختبأ في الكهوف
ومنهم من أحرقوا عليه منزله
ومنهم من مات وخلف الأيتام
صيروهم أشلاء ودفنوهم بملابسهم
لم يعد الأطفال يرون آباءهم على قيد الحياة
كم زوجة خطفوها تاركة أبناءها
وزوجها لا يملك إلا النظرات والحسرات
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
من لا تهزه الغيرة عندما يقتل إخوانه
فذاك قلبه أصم من الحديد
يعد الشاعر المغربي (حسن أمنتاك) من أشهر شعراء الأمازيغ اهتماما ً بالهم العربي في قصائدهم حيث كتب في مقتل الشيخ أحمد ياسين و الترجمة كذلك قام بها د.محمد أعماري:
إن كان قتل أحمد واحدا فقد وُلِد عشرة
ففي صباح موته ازداد عشرة مواليد
وكل واحد منهم سمي ''أحمد ياسين''
أتدري من يشجع ''شارون'' وحاشيته
إنهم هؤلاء الأذلاء من بعض العرب
الذين يهاتفونهم ويتبادلون معهم أطراف الحديث
وأولئك الذين يبيعون لهم إخوانهم بالمال
و نراه كذلك يبكي سقوط بغداد في قصيدته (وصلتك الظلمات يا شرق):
ما أخفاه الله في أعماق الأرض (يقصد النفط)
هو الذي من أجله تقصف بغداد بالرصاص والنار
اشتعل لهيب النيران في العراق
حتى أحرق الطيور في السماء يا لطيف
و في مقطع أخر يقول :
الوسواس إنجليز والخناس أمريكان
ما يملكه العراق من ثروات
كيف يحولونها إلى أيدي الأمريكان
ففي العراق كنز غير أنه منيع
إنه كنز الذهب الأسود
أراده "بلير" و"بوش" وأراده "شارون
و في أزمة العراق أيضا ً كتب الشاعر المغربي (مولاي يدَّار المزوضي) في قصيدته (رب ضع حدا لهمومنا)،
شارون" أحكم قبضته على الشرق و"بوش" على الخليج
و"طوني بلير" شريكهم عدو الله
كل الثلاثة يستعدون للعرب
وكل منهم يحقق للآخر مصالحه
انكشفت نواياهم وأهداف عدوانهم
إنه البترول يسعون للانفراد به
و يقول في مقطع أخر من القصيدة ذاتها:
أمريكا كانت تبحث عن الحرب منذ زمان
ولا حق معها إلا أن بوش يريد السوء
كان صدام عدوا له وندا
لما رأى أن أباه لم يجن من الحرب عليه إلا النكد
"بوش الكبير" تلقى ضربة قاسية من صدام
فقام ابنه اليوم وأعد العدة للانتقام
أعد الجيوش والأسلحة المتطورة
وحاصر العراق وهو خائف
ويخشى أن تنكسر شوكته كما وقع لأبيه
طرقنا الأبواب الامازيغية بأحزاننا و همومنا العربية، فكان الترحاب بالقافية هو كرم الضيافة على الطريقة الأمازيغية ، و كل كان يغني على ليلاه و جرحه ، بينما الآن الكل يبكي بلغة الحزن العربية ، و بعد هذا الطرح السريع لا يمكننا اعتبار الأدب الامازيغي أدبا ً قوميا ً مستقلا ً
بل على العكس يمكننا القول بأن الأدب الأمازيغي جاء كنقطة نظام في قلب الأدب العربي ، فالأمازيغ خيط في نسيج الثوب العربي الذي لا يمكن انتزاعه إلا و تفكك النسيج العربي امازيغيا و فرعونيا و كرديا و تركمانيا ، و لن يبقى خيط واحد يحكي الحكاية العربية ...