شهدت مدينة ورزازات ما بين 21 و25 أكتوبر فعاليات المهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي في دورته الرابعة، والذي أضحى تقليدا سنويا تضطلع بتنظيمه الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي (AMREC) بمعية فرع ورزازات، بدعم وتعاون عدة جهات من بينها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمركز السينمائي.
انشغلت هذه الدورة بتيمة عميقة تحت شعار “الفيلم الأمازيغي بين الخصوصيّة والامتداد” في محاولة لتأسيس أرضيّة حقيقيّة من شأنها مقاربة السينما الأمازيغية في ظلّ التراكم الذي حققته خلال سنوات قليلة، كما اهتجس المنظمون خلال هذه الدورة بفكرة محورية أساسية تتعلق بدعم إنتاج الفيلم الأمازيغي على اعتبار أنّ الإنتاج هو الحلقة الأساسية في طوق النهوض بالصناعة السينمائية عموما، وهو أيضا مقتل(بفتح القاف والتاء) هذه الصناعة إن كان ضعيفا أو بإمكانيات جد محدودة.
افتتح المهرجان بلوحة مسرحية فنية بديعة تجسد انتقال مهرجان الفيلم الأمازيغي بين الأجيال، تلاها مقطع spot للدورة السابقة. أمّا كلمات المهرجان فقد تبوّأتها كلمة رئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي حيث تحدث من خلالها عن دور المهرجان في استقطاب السياحة وإنعاشها كما أشار إلى نقطة مهمة لصالح السينما الأمازيغية ويتعلق الأمر بصندوق دعم الفيلم الأمازيغي القصير الذي سيتم تفعيله وترسيخه مستقبلا.
السيد عامل إقليم ورزازات بدوره ثمن المبادرة وأشار إلى دور الجمعية في خدمة المشهد الثقافي والسينمائي بالمدينة، أمّا كلمة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فقد ألقاها الأستاذ الحسين أيت باحسين وحرص من خلالها على التنويه بأهمية المبادرة، كما أشار إلى استعداد المعهد لدعم وتشجيع كل ما من شأنه خدمة الثقافة الأمازيغية العميقة في أيّ نقطة من نقط المغرب.
لجنة الفيلم بورزازات أيضا كان لها حضور في هذا الافتتاح إذ عرّف المتحدث باسمها بهذه اللجنة وبظروف تأسيسها وأهدافها ورهاناتها في التنمية السياحية بالمنطقة من خلال مدخل السينما، كذلك الحال بالنسبة لكلمة المركز السينمائي المغربي التي أشارت إلى القيمة المضافة لمثل هذه التظاهرة المميزة، وعبّرت عن استعداد المركز لدعم وتشجيع مثل هذه المبادرات الخادمة للسينما المغربية. وقد تكلل هذا الحفل الافتتاحي أيضا بمشهد سينمائي قدمته جمعية القصبة للكومبارس وإحياء التراث.
وابتداء من مساء يوم الافتتاح وعلى مدى الأيام التالية كان الجمهور الورزازي على موعد مع الفرجة السينمائية من خلال عرض الأشرطة المشاركة في المسابقة وهي الأفلام القصيرة التالية: “تامكتيت” لاحمد بايدو، “صباح نسن” لمحمد عتيق، “أييس إنو” لعبد اللطيف فضيل، “إمطاون نتافوكت” لمحمد عزيزي، “ولد سنة 1981″ لجمال إد مجوظ، و”تامالوت” لفاتن محمدي جنان.
أمّا الأفلام الطويلة المشاركة في هذه الدورة فهي: “أناروز” لعبد الله العبداوي، “تامازيرت أوفلا” لمحمد مرنيش، “تابرات” لعلي أيت بوزيد، “إد بلعظيم” لسعيد باحوس،”تيروكز إتمغارت” لعبد العزيز أوالسايح، “إبيقس” للمحجوب أوبركا(يوبا).
مناقشة هذه الأفلام كانت خلال الصباحات الموالية للعروض بحضور المخرجين والممثلين والنقاد وطلبة المعهد المتخصص في المهن السينمائية والكلية المتعددة الاختصاصات.
وقد عرف المهرجان جديدا نوعيا خلال هذه الدورة ويتعلق الأمر بالملتقى الوطني لمنتجي ومخرجي الأفلام الأمازيغيّة الذي امتدّ على مدى ثلاثة أيّام، حيث خصص اليوم الأوّل لجلسة عموميّة تضمنت عرضا حول عمل الجمعيّة المغربية للبحث والتبادل الثقافي لدعم الفيلم الأمازيغي قدمها الأستاذ إبراهيم أخيّاط، ثمّ عرضا تشخيصيا لواقع إنتاج الفيلم الأمازيغي وسياسة الدعم السينمائي للأستاذ عمر إذثنين، أمّا اليوم الثاني فخصّص لجلسة إنتاج وتوزيع الفيلم الأمازيغي قدّم ورقتها الأستاذ عمر إذثنين، وجلسة إخراج الفيلم الأمازيغي تخللتها ورقة الناقد محمد بلوش، بينما عرف اليوم الثالث- من خلال الجلسة الاختتامية- تقديم التقرير التركيبي وقراءة التوصيات.
كما شهد المهرجان تنظيم ندوة مركزيّة لمناقشة الموضوعة الأساسية التي رفعها شعار الدورة بعنوان “الفيلم الأمازيغي بين الخصوصيّة والامتداد” بمشاركة كلّ من الأستاذ محمد بلوش(ناقد وصحفي)، الأستاذ نورالدين كشطي ناقد(ناقد وصحفي) والأستاذ لحسن ملواني(ناقد ومبدع). ونظمت على هامش المهرجان أنشطة أخرى مميزة من قبيل الورشات
(ورشة النقد السينمائي بالمعهد المتخصص في المهن السينمائية من تأطير الأستاذ ابراهيم الحسناوي، وورشة الصوت السينمائي بالكلية المتعددة الاختصاصات من تأطير GUILLAUME MAURIAC ). الزيارت(زيارة متحف السينما بالمدينة والمعهد المتخصص في المهن السينمائيّة والكليّة المتعددة الاختصاصات). القافلة السينمائيّة عرضت في جولاتها فيلم “تمازيرت أوفلا” لمحمد مرنيش بقلعة امكونة، و”تابرات” لعلي أيت بوزيد بقرية فينت، و”هيكل” لياسين فنان أمام قصبة تاوريرت.
حفل الاختتام كان بدوره مميّزا على أكثر من صعيد، إذ شهد تكريم علمين من أعلام السينما الأمازيغية، ويتعلق الأمر بالفنان عبد الرحمان بورحيم الذي ينعت بذاكرة السينما الأمازيغية، إذ يربو ريبرتوار الأفلام التي مثل فيها عن أربعين فيلما منذ بداية التسعينات، كما يعدّ نبعا غنيا لمجموعة من السيناريوهات والأفكار المجسدة في الأفلام الأمازيغية، إلى جانبه تمّ تكريم الفنانة فاطمة جوطان التي ارتبط اسمها بالفيلم الأمازيغي منذ البدايات، وسجلت حضورا قويا ومبدعا في الذاكرة السينمائية الأمازيغيّة.
الحفل الاختتامي سجّل لحظة أخرى قوية وحاسمة، ونعني بها تتويج الأفلام الإثني عشرة المشاركة في المسابقة، هذه الأخيرة التي سجلت جديدا خلال هذه الدورة، إذ سوف تنضاف إلى قائمة الجوائز، جائزة الجمهور المختص.
لجنة تحكيم المسابقة خلال هذه الدورة تشكلت من: نورالدين كشطي(ناقد سينمائي)، ومحمد صالوت(مخرج ومنتج)، والأستاذ محمد ملاّل(فنان موسيقي وتشكيلي)، ومحمد حافظي
( أستاذ بالمعهد المتخصص في المهن السينمائيّة)، وقد أسفرت المسابقة عن النتائج التالية:
جوائز الفيلم القصير: تنويه بالطفل علاء الدين شيري عن دوره في فيلم “سلام داميتان”.
جائزة أحسن إخراج مناصفة بين احمد بايدو عن فيلمه “تامكتيت” وعبد اللطيف فضيل عن فيلمه “أييس إينو”.
جائزة أحسن فيلم قصير عادت لفيلم “سلام داميتان” لمخرجه محمد أمين العمراوي.
جوائز الفيلم الطويل: جائزة أحسن دور نسائي للفنانة الزاهية زهيري عن فيلم “تابرات”.
جائزة أحسن دور رجالي للفنان عبد اللطيف عاطف عن فيلم “تيروكزا إتمغارت”.
جائزة أحسن فيلم طويل عادت لشريط “أناروز” لمخرجه عبد الله العبداوي.
أما جائزة الجمهور المختصّ والتي سلمها المعهد المختص في المهن السينمائية والكلية المتعددة الاختصاصات، فقد كانت من نصيب فيلم “ولد سنة 1981″ لمخرجه جمال إد مجوظ، بينما عادت جائزة الانضباط في المهرجان للمخرج حسن بوعشرة.
وقد اختتم الحفل على إيقاع الأغنية الأمازيغيّة التي مثلها كل من مجموعة أمناي AMNAY من قلعة مكونة، والفنان عمر أيت سعيد رفقة الفنان الصاعد حسن هموشي من قلعة مكونة أيضا، والفنان عبد الحليم مرحوم من ورزازات