بالعودة إلى التاريخ العام و التاريخ الرياضي خصوصًا يتبين لنا أن أصل هذه الألعاب و تطورها يرجع إلى آلاف السنين، فلقد مارس الإنسان الأول منذ نشأة الجنس البشري ألعاب القوى و استخدمها في كره و فره و تسلقه و اجتيازه للموانع و السواقي فجرى و وثب و رمى الحجارة و الرماح دفاعا ً عن النفس و تأقلما مع العيش مع الطبيعة.
ولقد استخدم المصريون القدماء ألعاب القوى للإعداد البدني كما مارسها الإغريق بشكل بدائي منذ عام 1500 ق.م.
أما ألعاب القوى بشكل منظم فقد بدأت مع أول دورة أولمبية قديمة عام 776 ق.م. و استمرت حتى عام 146 ق.م. ثم توقفت ممارستها بشكل منظم و استمرت بشكل عشوائي حتى عام 1820 حيث عادت لتمارس في إنجلترا و غلب عليها الاحتراف.
كما أقيمت أول بطولة لألعاب القوى في إنجلترا عام 1866 م و تم تشكيل الاتحاد الإنكليزي عام 1880 م. و زاد بعدئذٍ عدد الدول المهتمة بها ثم عادت لتكون ضمن البرنامج الاولمبي بدءاً من عام 1896 م تاريخ إقامة أول دورة أولمبية حديثة, ومنذ ذلك التاريخ استمرت اللعبة بالانتشار وتوالى تشكيل الاتحادات في بلدان العالم المختلفة بهدف تنظيم النشاط ونشر اللعبة ووضع القوانين لها.
إن برنامج ألعاب القوى قد اتسع وتعدل خلال تطوره ليس دائمًا بشكل عقلاني لأن لكل مسابقة أصلها المختلف.
وألعاب القوى أقدم أنواع الرياضة التي مارسها الإنسان، وتتضمن فروعًا متعددة مثل المشي والجري والقفز والوثب والرمي والدفع تحت اسم (فن الأتلاتيكا) . عرفها أحد اختصاصي الطب الرياضي بقوله: إذا كان الإنسان يمشي بعضلاته، ويجري برئتيه، ويسرع بقلبه، فإنه يصل إلى الهدف بذكائه.
ورياضة ألعاب القوى انتشرت في الحضارات القديمة، فعرفتها الصين والهند، وبلاد ما بين النهرين، وجزيرة كريت منذ ثلاثين قرنا أو يزيد.
اشتق اسمها من اللغة اليونانية القديمة، وأطلق على مجموع ألعاب القوى كمصطلح رياضي، وذلك منذ سنة 600 ق.م. عندما ظهر هذا المصطلح في كتابات ( بندارس) و(جلادياتورك) واستقر في كتابات بلينوس كمصطلح رياضي شائع الاستعمال والدلالة.
جرت مسابقات ألعاب القوى لأول مرة في بلاد اليونان سنة 1453 ق.م في نطاق الألعاب الأثينية التي كانت طليعة الدورات الأولمبية.
وكانت هذه الرياضة تمارس خلال الاحتفالات الدينية، فاكتسبت بعدًا روحيًا إضافة لبعدها الرياضي، ابتداء من سنة 1500 ق.م. وكانت أساس الألعاب الأولمبية القديمة التي اقتصرت في دورات كثيرة على ألعابها وحدها.
لم تكن ألعاب القوى في ذلك الزمن، تمارس على النحو الذي نعرفه اليوم، فمسابقات المسافات الطويلة في الجري، كانت تقاس بعدد المرات التي يجتاز العداء فيها الملعب ذهابا وإيابا، وأقصر مسافة في سباقات الجري كانت 1927م، أي طول الملعب. أما الوثب الطويل، فكان يمارس على أنغام المزمار، وقد حمل المتسابق بيديه أثقالا تزيد الحركة صعوبة. وكان القرص يقذف من فوق منصة من التراب تعلو قليلا عن الأرض. أما الرمح فكان يصوب نحو أهداف عالية أو أرضية والعبرة في إصابة الهدف لا في المسافة التي يجتازها الرمح.
وعندما استولى الرومان على بلاد الإغريق، وكانوا أقل تقدما ومستوى حضاريا من الإغريق، فنقلوا الثقافة الفكرية اليونانية واحترموا الثقافة الرياضية كثيرًا، لأن ألعاب القوى بصفة أساسية تبني أجسام الجنود وتساعدهم على القتال بشكل جيد.
استمرت ألعاب القوى وزميلاتها من الألعاب الرياضية الأخرى مزدهرة حتى سنة 393م حين رأى القيصر الروماني( سيوديسيوس) وجوب إيقاف الألعاب الأولمبية وتحريمها، لما كان يرافق هذه الألعاب من شعائر وعادات وثنية لا تتفق وأصول الديانة المسيحية ولما تمثله هذه الألعاب من تمجيد للقوة وأبطالها يفوق تمجيد الرسل والقديسين ولأنها أخيرا وسيلة من وسائل التدريب العسكري الباعث للحروب والمسبب للخراب.
فانطفأت بذلك الشعلة الأولمبية، وركدت الرياضة طويلا. لتعود فتزدهر وتنتشر من جديد في العصور الوسطي، معتمدة على مجتمع الفروسية الذي ساده الأشراف، فنمت وأصبحت هدفا أساسيًا. وصارت ألعاب القوى جزءا من التربية العامة للشباب الذين تدربوا على الجري والوثب والرمي. وتباروا في هذه الألعاب أثناء مسابقات الفروسية.
أما المفهوم الحديث لهذه الرياضة فقد تأصل في إنكلترا،وتحديدا في عشرينات القرن الماضي، عندما بدأ الشباب الإنكليزي، يبدون اهتماما فائقا بالرياضة، ويستفسرون عن ظواهرها العظيمة، ويشتركون بأعداد كبيرة في برامح المسابقات المتنوعة.
فنظم معهد اكسترا بجامعة أكسفورد أول وأكبر مسابقة منفردة وذلك عام 1850.
وفي عام 1866 نظمت أول بطولة إنجليزية، وبهذا بدأت الحركة الرياضية الجدية، فتكونت الاتحادات الرياضية وانشىء الاتحاد الإنكليزي لألعاب القوى سنة 1880وأسهمت بريطانيا بقوة بنشر هذه الرياضة في عدد من البلدان الأخرى حيث اشترك عدد كبير من الرياضيين في مسابقات دولية. فأقيمت في نيويورك أول مسابقة عالمية، وفي عام 1896 اشتركت إحدى عشرة دولة في أولمبياد أثينا، وكانت ألعاب القوى إحدى ألعابها الأساسية.
وفي سنة 1913 تأسس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، ومنذ ذلك الوقت والأرقام القياسية العالمية تتعزز سنة بعد سنة، حتى أصبح العالم يعتقد أن الإمكانيات البشرية لا تقف عند حدود، ما دامت التقنية وطرق التدريب في تقدم مستمر.
مسابقات ألعاب القوى:
تجري مسابقات ألعاب القوى والتي تشمل الجري والوثب والرمي والمشي في ملعب يخصص لهذه الغاية وكل لعبة في الجزء الخاص بها من الملعب الذي يجب أن يخطط حسب القوانين المرعية في المسابقات المختلفة.
سباقات الجري: يجري السباق في مضمار لا يقل طوله عن 400م ولا يقل عرضه عن 7.32متر.
ولكل متنافس مسار مستقل في جميع السباقات لا يقل عرضه عن 1,22م ولا يزيد عن 1.25م أما اتجاه الجري فيكون بحيث تكون اليد اليسرى لجهة الداخل.
ويجب أن يتسع المضمار لستة مسارات على الأقل أو لثمانية مسارات إذا أمكن في اللقاءات الدولية.